2017 اتجاهات العطور في
يمكنك النظر للعطور والأزياء بنفس الطريقة، ويرجع هذا لأسباب متعددة. أولا، لأنهما مترافقين دائمًا، ويمكن عزو نجاح إحدى الصناعتين اليوم إلى حقيقة أن علامات الأزياء التجارية قد صنعت بعض من أشهر العطور الموجودة. لكن بعيدًا عن هذا، يُعتبر العطر تابعًا للاتجاهات السائدة مثله مثل الأزياء. انظر وحسب إلى كل عِقد في القرن الماضي كمثال، سترى أن كل منهم قدّم عطورًا ذات طراز مميز. كان عِقد السبعينات يتسم بعطور الشيبر والعطور الزهرية الحادة المُكوّنة من الألدهيد، بينما كان عقد الثمانينات يدور حول العطور الزهرية الحلوة الذرية الأكبر من مبنى الإمباير ستيت، أما التسعينات فكان بمثابة توبة مائية عن العقود الصاخبة التي سبقته. من ثم، تعتبر الاتجاهات السائدة هي الوضع المنتشر في عالم العطور
من الإنصاف القول أن هذا القرن شهِد نطاقًا أوسع من الاتجاهات السائدة، حيث استضاف كل عقد مجموعة مواضيع عطرية أكبر من المواضيع سالفة الذكر (هل تصدق أننا في العقد الثاني بالفعل من هذا القرن؟!). نعم، العطور الزهرية ذات روائح الفاكهة، وعطور المشاهير، وزيادة القطاعات المتخصصة قد احتلوا مكانة ثابتة بالفعل، ولكن لم يمثل أي منها نوع محدد كما فعلت عطور أخرى سابقًا. ما هي الاتجاهات التي سنشهدها هذا العام إذًا؟ حسنًا، أنا سعيد لأنك طرحت هذا السؤال، لأنني سأقدم اليوم أربع اتجاهات أعتقد أننا سنشهدها في 2017. تتراوح من العطور الشفافة إلى الملموسة، وما بينهما من أشياء مثيرة جدًا.
عطور الأخشاب الشفافة
رأى نيك جيلبرت صديقي وشريكي في محبة العطور هذا الاتجاه، ويعتقد أنه ناتج عن المواد الجديدة الرائعة التي أصبحت متاحة الآن، وهو محق بالتأكيد. شهدنا على مر السنوات القليلة الماضية اتجاهًا في العطور الخشبية يعزز الابتعاد عن الكثافة الموجودة في الماضي، والتركيز على عطور أخف بكثير وذات وضوح وتألق رائع. بدأ توم فورد هذا الاتجاه عند تقديمه لعطر "سانتال بلش" منذ سنوات قليلة، ولكننا رأينا عام 2016 استكشافًا أعمق هذا الاتجاه، وشهدنا تركيبات مزجت الأخشاب الشفافة مع لمسات غير معتادة.
كان أبرز هذه العطور هو عطر "لا إينفول" من كارتييه، وهو نسيم منعش من الأخشاب الشفافة، والسوسن الرمادي والعسل الحلو الذين جعلوا هذا الخشب غير واضح الجنس عطرًا ذكوريًا بامتياز. رأينا أيضًا كالفين كلاين يستخدم الأخشاب البلورية الشفافة جيدًا في عطره "CK2"، والذي يتضمن معادن حليبية وخضرة حادة على خلفية خشبية شفافة. يضف هذا الاتجاه منظورًا جديدًا بالكامل لعالم العطور الذكورية، وأعتقد أننا سنرى في 2017 كم لا بأس به من العطور المستلهمة من الأخشاب الشفافة، أو هذا ما آمله على أي حال.
عطور المساحيق
إن الجوهر المصنوع من المسحوق في العطور ليس بالأمر جديد، بل أنه قديم جدًا في الواقع. إن معظم العطور في فترة العشرينات والثلاثينيات له وجه مسحوقي، انظر لعطور مثل شاليمار على سبيل المثال. إن فكرة المسحوق تثير الحنين لعصور قديمة، حيث كانت الأزياء والعطور تضع في اعتبارها الجسد بأكمله. لعب المسحوق دورًا في العطور في كل عقد تقريبًا، حتى وإن كان دورًا صغيرًا أحيانًا، ولكن هذه الاتجاه يظهر مرة أخرى بقوة الآن، وهو اتجاه ناعم ولطيف ومُرحب به.
رأينا في العامين الماضيين زيادة حقيقية في عدد العطور المسحوقية في السوق. أبرز هذه العطور هو عطر "دونا" من فالانتينو، والذي يجمع بين الورد والسوسن بطريقة رائعة، وتثير في الخيال صور الشراشف الحمراء الحريرية، والزهور الوردية المشرقة. أصدر نارسيسو رودريجز نسخة مسحوقية من نارسيسو في شكل "نارسيسو بودريي"، كما سيصدر عليّة عطرًا تابعًا لعطره الأول "علية باريس" (يُطلق عليه النسخة بلانش أو النسخة البيضاء) تدفئ البخور الزهري الجليدي في العطر الأصلي عن طريق إضافة لمسات من مسحوق يثير إحساس بمواد التجميل، يوجد أيضًا مسحوق كاكاو لذيذ في عطر "سوييت" من لوليتا ليمبيكا، والذي يستدعي للذهن شيئًا أكثر فخامة بكثير، إضافة إلى أن المسحوق شق طريقه إلى العطور الذكورية كذلك، وأخذ شكل الجسيمات الرمادية المطحونة ناعمًا جدًا في عطر "لا إينفول" من كارتييه.استعد لعام من الحب المسحوقي.
عطور الأزياء الأيقونية
إن الأزياء والعطور رفيقين لا ينفصمان، وتحتوي كل دور الأزياء الكبيرة على عطور متوافقة مع خطوط ملابسها. يمكنك ذِكر أي علامة أزياء تجارية كبيرة وستجد في 9 من كل 10 حالات أن لديها عطر واحد على الأقل خاص بها. من ثم، يمكننا القول أن هذا ليس اتجاهًا سائدًا كموضة، ولكنه الوضع الطبيعي، فهو يحدث منذ صدور عطر شانيل رقم 5، وسيظل يحدث بعد 10 سنوات على يد أي مصمم معروف حينها. أنا أعرض الأمر هنا فقط لأنه اتجاه سائد يستمر في الظهور، ونرى كل عام عطور رئيسية جديدة صادرة عن علامات أزياء تجارية معروفة.
أطلق دار الأزياء الباريسي "زاديج إي فولتير" العام الماضي عطريّ "زيس إذ هير" و"زيس إذ هيم"، وهما عطرين يقدمان روح تلك العلامة التجارية. خدم كلاهما طرازًا معروفًا ولكنه قُلب رأسًا على عقب، حيث أخذ العطر الذكوري الجوهر القديم المصنوع من العنبر، وزاده إثارة عن طريق إضافة الكثير من الفانيلا لدرجة أنه أصبح قنبلة جنسية حارقة، بينما أخذ العطر الأنثوي الجوهر المصنوع من خشب الصندل، وأضاف له مربى المشمش، ورذاذ الشعر لجعله غريبًا ولكن جذاب، جذاب بغرابة في الواقع. لستُ واثقًا من الذي سيطلق عطر الأزياء الأيقوني هذا العام، ولكنني أعلم أن شخص ما سيصدره. كان عام 2015 هو عام عليّة، وعام 2016 هو عام زاديج إي فولتير، ومازلنا بانتظار مفاجأة 2017.
الروائح المالحة
سأعترف أن احتمالية الروائح المالحة لا تبدو شيئًا جذابًا جدًا، ولكنها نُفذت بأناقة على مدار السنوات الأخيرة. يرجع الفضل في هذا إلى عطر "وومانيتي" من ثيري موجلر، الذي قدم الروائح المالحة في صناعة العطور المعاصرة. بالرغم من أن "وومانيتي" لم يكن ذا شعبية كبيرة بين العامة، إلا أن رائحة التين الحليبية ولمسات البسكويت البحري المملح (التي نعزوها إلى الجوهر المصنوع من الكافيار الذي تم الحصول عليه عبر الاستخلاص الجزيئي) كانت غريبة قليلاً بالنسبة للأذواق السائدة، ولكن رغم هذا، ظهرت العديد من الروائح التي تشبهه في الرائحة، والتي أخذت تلك اللمسة المالحة مع لمسة البسكويت وجربتها في تنويعات أخرى.
إن التنويع الأحدث والأكثر شعبية لهذا النمط المملح هو عطر أوليمبيا من باكو رابان، والذي يجمع الجوهر المُكون من ملح البحر، الذي يحتوي على نفس لمسات البسكويت الموجودة في وومانيتي، مع البندق الكريمي والزهور الشمسية. يوجد لمسة من شيء مقرمش ومملح في عطر "زيس إذ هير" من زاديج إي فولتير أيضًا، وكذلك لمس مالحة من نجيل الهند مخبأة وسط جوهر النوتيلا في عطر "أنجل ميوز" من موجلر. إن كل هذا يمثل أدلة جيدة على أن اللمسات المالحة ستظل موضة كبيرة هذا العام. أنا أتحمس دائمًا للأشياء غير المعتادة، لذا يُعد هذا الاتجاه هو أكثر اتجاه مثير بالنسبة لي.
مواضيع ذات صلة: